قوات الحكومة الليبية تسيطر على مقر «داعش» في سرت

هجوم بسيارة مفخخة قتل 10 عناصر عملية «البنيان المرصوص»

قوات الحكومة الليبية أمام قاعة واغادوغو للمؤتمرات في سرت
قوات الحكومة الليبية أمام قاعة واغادوغو للمؤتمرات في سرت
TT

قوات الحكومة الليبية تسيطر على مقر «داعش» في سرت

قوات الحكومة الليبية أمام قاعة واغادوغو للمؤتمرات في سرت
قوات الحكومة الليبية أمام قاعة واغادوغو للمؤتمرات في سرت

سيطرت القوات الليبية التي تقاتل لطرد تنظيم داعش من سرت اليوم الأربعاء على مركز ضخم للمؤتمرات في وسط المدينة لتستولي بذلك على قاعدة رمزية استخدمها التنظيم ذات يوم لعقد اجتماعات وكان يرفع رايته عليها.
وستمثل السيطرة على مجمع واغادوغو للمؤتمرات بالإضافة إلى مستشفى ومبان جامعية أكبر تقدم للقوات الليبية خلال أسابيع.
ويأتي ذلك بعد عشرة أيام من بدء الولايات المتحدة ضربات جوية في سرت يقول المقاتلون إنها سهلت تقدمهم في مواجهة المتشددين المحاصرين بوسط المدينة.
وقال رضا عيسى، المتحدث باسم المكتب الإعلامي للقوات الليبية التي تخوض «عملية البنيان المرصوص» ضد «داعش» في سرت إنها سيطرت بشكل كامل على مجمع واغادوغو للمؤتمرات وتقدمت لمسافة تجاوزت المجمع.
وأظهرت صور نشرتها صفحة المكتب الإعلامي على «فيسبوك» مقاتلين مع شاحنات صغيرة مسلحة ودبابة يتحركون هنا وهناك بالقرب من مركز المؤتمرات الذي ظهرت عليه آثار القصف.
ويعد المبنى الضخم معلمًا رئيسيًا في سرت مسقط رأس معمر القذافي واستخدمه التنظيم بعد استيلائه على المدينة العام الماضي في عقد اجتماعات.
وتشكل خسارة سرت انتكاسة كبيرة لتنظيم «داعش» الذي يواجه ضغوطا بالفعل في سوريا والعراق. وستمثل تعزيزا للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة والتي تكافح لبسط سلطتها وتواجه مقاومة من فصائل مسلحة منافسة.
وبدأت القوات الموالية للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة حملتها على سرت في مايو (أيار) الماضي. وتباطأ تقدم القوات مع اقترابها من وسط المدينة. وتكبدت القوات التي تقودها كتائب من مدينة مصراتة خسائر كبيرة بسبب القناصة والألغام التي زرعها المتشددون.
ودارت اشتباكات متقطعة وتخللت المعارك العنيفة فترات من الهدوء استمرت عدة أيام. ولا يزال التنظيم يسيطر على عدة مناطق سكنية وواجهت الكتائب التي يقودها مسلحون من مصراتة في السابق صعوبة في التقدم بالأحياء في اشتباكات من منزل لمنزل.
وبحسب بيانات صدرت عن القيادة الأميركية في أفريقيا فإنه منذ الأول من أغسطس (آب) الحالي شنت الطائرات من دون طيار والطائرات المقاتلة الأميركية 29 ضربة جوية واستهدفت عددا من مواقع التنظيم يوم الاثنين وشاحنة صغيرة تحمل مدفعا أول من أمس الثلاثاء.
وفي اشتباكات أمس الأربعاء قالت القوات المدعومة من الحكومة إنها تقدمت أيضًا إلى مجموعة من المباني تحت الإنشاء إلى الغرب مباشرة من وسط المدينة كان يستخدمها قناصة «داعش».
وقال عيسى إن 16 على الأقل من القوات المدعومة من الحكومة قتلوا وأصيب 11.
وفي وقت سابق اليوم قالت القوات الليبية إنها فقدت طائرة مقاتلة فوق سرت. وقال عيسى إنه لم يتسن تأكيد سبب سقوط الطائرة ومصير الطاقم. لكن بيانا نشره موقع إلكتروني قريب من تنظيم «داعش» قال إن التنظيم أعلن إسقاط المقاتلة وقتل طيار.
وساهم متشددون ليبيون عادوا من الحرب الأهلية الدائرة في سوريا في ترسيخ وجود تنظيم داعش المتطرف في ليبيا عام 2014. لكن التنظيم واجه صعوبة في كسب التأييد له أو التمسك بالأراضي التي يسيطر عليها نظرا لأن أغلب السكان المحليين يعتبرون التنظيم جماعة خارجية تعتمد على المقاتلين الأجانب.
وعلاوة على الضربات الجوية الأميركية تعمل الكتائب الليبية في مصراتة وسرت مع فرق صغيرة من القوات الخاصة الغربية التي قدمت معلومات المخابرات ودعمًا لوجيستيًا، فضلا عن المشورة.
وقال مصدر أمس الأربعاء إن بضع عشرات من القوات الخاصة الإيطالية موجودون في ليبيا لجمع المعلومات وتقديم «دعم» غير قتالي للقوات المدعومة من الحكومة ومساعدة حلفاء آخرين موجودين في ليبيا مثل القوات الخاصة البريطانية أو الأميركية.
وأضاف المصدر المطلع أن الحكومة الإيطالية قدمت وثيقة موجزة الأسبوع الماضي إلى لجنة الرقابة على أجهزة المخابرات في البرلمان توضح مهمة القوات الخاصة في ليبيا.
وذكرت صحيفة لا ريبوبليكا أن الإيطاليين يدربون الليبيين على نزع الألغام الأرضية في سرت. ولم يرد مكتبا وزير الدفاع ورئيس الوزراء على طلبات للتعليق.
إلى ذلك، أفادت تقارير إخبارية بمقتل عشرة من عناصر قوات «عملية البنيان المرصوص»، في تفجير بسيارة مفخخة بالمدينة.
وقال الناطق باسم غرفة عمليات «البنيان المرصوص» العميد محمد في تصريحات إعلامية إن مسلحا من «داعش» يقود سيارة مفخخة قام بتفجيرها الليلة الماضية بعد دخوله وسط القوات بمحور الجيزة العسكرية ومجمع القاعات، مما أسفر عن مقتل عشرة من قوات البنيان المرصوص.
ونقل الموقع عن المتحدث باسم مستشفى مصراتة المركزي القول إن عدد قتلى يوم أمس بلغ 17 قتيلا إلى جانب 82 جريحا بينهم خمسة في حالة حرجة.
وكشف أن عدد قتلى «البنيان المرصوص» ارتفع إلى 360 قتيلا إلى جانب أكثر من ألفي مصاب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.